عرب-وعالم

قرار الجنائية الدولية… هل يهدد هاليفي ويخضع نتنياهو؟

مع قرار الجنائية الدولية إصدار مذكرة اعتقال بشأن “نتنياهو وجالانت”، تصاعد القلق من إجراءات المحكمة التالية، فقد نص البند الثاني من المادة (9) من نظام روما الأساسي- الذي تحتكم إليه المحكمة الجنائية الدولية- على أنه “يجوز اقتراح تعديلات على أركان الجرائم من جانب: أ ) أية دولة طرف، ب‌) القضاة بأغلبية مطلقة، ج ) المدعي العام؛ ما يعني أن بإمكان هيئة المحكمة إدخال تعديل على قرارها اعتقال “نتنياهو وجالانت” بتوسيع أو تضييق نطاقه.

وقد ثار هذا القلق بعد ساعات قليلة من صدور قرار المحكمة، حيث ارتفعت وتيرة المخاوف تارة من توسيع دائرة القرار، ليشمل ضباط وجنود آخرين- حسب صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، وأخرى من أن تصدر المحكمة مذكرات الاعتقال وتفعلها في الوقت الذي تقرره.

وما لبثت هيئة البث الإسرائيلية أن فسرت تلك المخاوف بشكل أوضح، فنقلت مخاوف أجهزتهم الأمنية من أن تصدر مذكرات اعتقال لرئيس أركان الجيش “هرتسي هاليفي”، وبعض قيادات الضباط في الجيش.

وقد أكد الدكتور “مجيد بودن”- المحامي المختص بالقانون الدولي و رئيس جمعية المحامين العرب بباريس- في تصريحات خاصة لموقع “اليوم”: ثمة احتمال وارد أن تصدر مذكرات اعتقال أخرى بحق مسؤولين آخرين، ولعل المحكمة ما زالت تبحث وراء أسماء أخرى، لم يصدر القرار بعد بشأنها، لذا لا يمكن اعتبار قرار المحكمة حول “نتنياهو وجالانت” نهائي فيما يتعلق بأعداد المطلوبين، لأنها يمكن أن تمتد لآخرين.

الفصائل الفلسطينية

على المستوى الفلسطيني، لم يمنع الاحتفاء بقرار المحكمة الفصائل الفلسطينية من دعوة المحكمة لتوسيع نطاق قرارها، ليشمل قيادات الاحتلال الأخرى المتورطة في إبادة الفلسطينيين أو التحريض على إبادتهم.

فطالبت حركة حماس والجبهة الشعبية وحركة المجاهدين، في بيانات الإشادة والاحتفاء بالقرار، بتوسيع نطاقه ليشمل “ملاحقة جميع قادة الاحتلال سواء السياسيين أو العسكريين ومجرم الحرب بايدن ووزير خارجيته بلينكن”، وذلك لارتكابهم أبشع جرائم الإبادة ضد الشعب الفلسطيني.

وقد علق “بودن” على نداءات الفصائل، فقال: إن قرار المحكمة قانونيا وليس سياسيًا، لذا توسيع دائرة الإدانة أمر يبنى على الوثائق والقرائن والأدلة، فإن ثبت تورط آخرين فالطبيعي أن يمتد القرار ليشملهم.

إدانات متعددة لنتنياهو 

يعاني رئيس وزراء الاحتلال من اتهامات بالفساد، وكذلك تحقيقات أخرى بخصوص قضايا تسريبات ملفقة خرجت من مكتبه، ومطلوب للمحاكمة على ذمتها أمام قضاء بلاده، حتى تدخل الشاباك مطلع الشهر الجاري لتعطيل مثوله أمام المحكمة، بالإضافة إلى مطالبات وعائلات الأسرى وقيادات المعارضة لديهم بمحاكمته على فشله في 7 أكتوبر 2023، وفشله في إدارة الحرب واستعادة الأسرى، وأخيرًا جاء قرار المحكمة الجنائية الدولية، ليصبح مطلوبًا على المستويين المحلي والدولي، فهل يكون القرار الدولي فاتحة لمحاسبته على كلا المستويين؟

أجاب “بودن” على ذلك التساؤل، فقال: المحكمة لا تختص بنظر دعاوى الفساد داخل الدول، وليس لها سلطة على القضاء فيها، وهذا شأن داخلي تحدده دولة إسرائيل وما إذا كانت ستنصاع للقرار أو ستبني عليه أم لا، لأنها ليست عضوًا في المحكمة، ومن ثم فهي ليست مجبرة على تنفيذ قرارها.

واستطرد قائلًا: لكن اليوم النظرة ستتغير “لنتنياهو” الذي أضحى مطلوبًا لارتكابه جرائم كبرى، ولن ينظر له باعتباره رئيس حكومة عادي يمكن أن يقترف بعض الجرائم الصغرى، كما أن الجرائم الكبرى لا يمكن الإفلات منها، وسيكون للقرار تأثير كبير، حيث تم الحد من حريته، وبعد أن كان يتمتع بحصانة دولية باعتباره رئيس حكومة، الآن لن يتم تفعيل هذه الحصانة إذ رفعت منه بفضل هذا القرار.

وأكد المحامي المتخصص في القانون الدولي في حديثه “لليوم” على أن: جرائم الحرب أبدا لا تسقط بالتقادم، طال الزمن أو قصر ستبقى القضية موجودة، حتى يتم البت فيها نهائيًا.

قرار المحكمة والحرب

قرار الجنائية الدولية لابد أن يحمل آثارا كثيرة، وأولها على سير المعارك، التي “يفاخر فيها جنود الاحتلال بما يرتكبون من فظائع من قتل الأطفال وهدم البيوت وغيرها، عبر بث ذلك على حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي”- حسب “جدعون ليفي” الكاتب الإسرائيلي المعارض.

وحينما يأتي مثل هذا القرار لابد أن يكون عامل ردع، فهل ننتظر أنه يكون سببًا في وقف الحرب؟

كان “بودن على ثقة من ذلك، فقال: هو سيساعد كثيرًا، لأن “نتنياهو وجالانت” يعرفان أنه لامفر من العدالة، وبالتالي يمكن أن يفكروا بشكل أكثر جدية ألا يتمادوا بهذا الشكل الذي لا يرى وجود محاسبة، لأن المحاسبة أمامهم فعليًا.

واختتم حديثه بفصل الكلام في نتائج الاحتكام للقانون الدولي ونتائجه، قائلًا: المهم في هذا القرار أنه برهن على أن الجرائم الكبرى يتم ملاحقتها، وليس فيها إفلات من العقاب، مهما كانت الضغوط على المحكمة، ويجب في المستقبل أن يُكْفَل التقاضي حتى في الجرائم الصغرى، فيكون ذلك الأساس الذي يبنى عليه “السلام العالمي”، لأن الإفلات من العقاب هو الذي يسبب الحروب والمآسي للمدنيين العزل، ومن هنا كلما توسعت الملاحقات يضعف احتمال الإفلات من العقاب، وعليه يمثل كل مجرم أمام المحاكم ليستتب الأمن والرخاء في العالم.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights